أوّلًا ـ التوكيد.
تعريفه : تابع يذكر لدفع ما قد يتوهمه السامع من التجوز والاحتمال .
نحو : أخاك أخاك يشد عضدك . لا لا أهمل عملي . ووصل المدير عينه .
أنواع التوكيد
ينقسم التوكيد إلى نوعين :
1ـ التوكيد اللفظي . 2 ـ التوكيد المعنوي .
هو توكيد الكلمة بلفظها ، إن فعلا ففعل ، وإن اسما فاسم ، وإن حرفا فحرف ، وإن جملة فجملة ، وذلك لدفع التوهم .
مثال
* توكيد الفعل : توكل توكل على الله . ومنه قول الشاعر : أتاك أتاك اللاحقون احبسِ احبسِ
* توكيد الاسم : محمد محمد لا تهمل واجبك .
ومنه قول الشاعر :
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
* توكيد الحرف : لا لا تتأخر عن الحضور .
* توكيد الجملة : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة .
ـ ومنه قوله تعالى : { فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا } .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ إذا أردنا أن نؤكد حرفا ليس من الحروف الدالة على الجواب ، كـ " لا ، ونعم ، وبلى " ،
يجب في هذه الحالة أن يعاد الحرف وما اتصل به عند التوكيد .
نحو : في الدار في الدار صاحبها . في العلم في العلم فوائده .
إن الطالب إن الطالب مجتهد .
2 ـ يجوز أن يؤكد الضمير المتصل بآخر منفصل سواء أكان مرفوعا ، أم منصوبا ، أم مجرورا . نحو : قمتَ أنت . وأكرمتني أنا . ومررت به هو .
2 ـ التوكيد المعنوي :
تعريفه : هو توكيد الاسم بكلمات معروفة بعينها .
... وقد حصرها النحويون في " عين ، و نفس ، و كل ، و جميع ، و عامة ، و كافة ، و كلا ، و كلتا ".
شريطة أن يتصل بها ضمير يعود على المؤكَد .
نحو : وصل المسؤول نفسه . وصافحت المدير عينه . وأثنيت على الفائزين كلهم .
أقسام ألفاظ التوكيد المعنوي :
تنقسم ألفاظ التوكيد المعنوي على حسب المؤكد :
1 ـ نفس ، وعين :
يستخدمان لرفع التوهم عن الذات ، أو ما يعرف بتوهم المجاز ، أو السهو والنسيان .
نحو : جاء محمد نفسه . وفاز عليّ عينه .
وباستخدام كلمة نفسه نكون قد دفعنا توهما قد يقصد به : جاء خبر محمد ، أو رسوله .
وفي هذه الحالة يجب أن تجمع كلمة " نفس ، أو عين " على وزن " أفعُل " تم يلحقها ضمير المثنى الغائب .
نحو : فاز المتسابقان أنفسهما . وتغيب الطالبان أعينهما .
كما يجب جمعهما إذا كان المؤكد جمعا .
نحو : كافأ المدير الفائزين أنفسهم . وشاركت الطبيبات أعينهن في علاج الجرحى .
2 ـ كل وجميع ، وعامة ، وكلا وكلتا
تستخدم لرفع التوهم عن الشمول والعموم ، أي إذا كان المؤكَد ذا أجزاء يصح وقوع بعضها موقع المؤكد ، والذي يشترط فيه أن يكون معرفة .
نحو : سافر المعتمرون كلهم . وحضر المدعون جميعهم . واستقبلنا الزائرين عامتهم .
وتفوق المجتهدان كلاهما . وفازت المتسابقتان كلتاهما .
كلا وكلتا وشروط التوكيد بهما :
يشترط في كلا وكلتا للتوكيد بهما الآتي :
1 ـ أن يكون المؤكد بهما دالا على المثنى .
2 ـ أن يصح حلول الواحد محلهما .
3 ـ أن يكون ما أُسند إليهما متفقا في المعنى .
4 ـ أن يتصل بهما ضمير يعود على المؤكد ، كباقي ألفاظ التوكيد .
نحو : يعني الأبوان كلاهما بتهذيب الطفل .
وصافحت الضيفين كليهما .
واطلعت على الروايتين كلتيهما .
إعرابهما :
تعرب كلا وكلتا إذا اتصل بهما الضمير توكيدا معنويا ، فيرفعان بالألف ، وينصبان بالياء ويجران بالياء لأنهما ملحقان بالمثنى .
أما إذا أضيفتا إلى الاسم الظاهر ، فيعربان حسب موقعهما ما الجملة إعراب الاسم المقصور ، حيث تقدر عليهما علامات الإعراب الضمة والفتحة والكسرة .
نحو : سافر كلا الضيفين . كلا فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر .
كافأت كلتا الفائزتين . كلتا مفعول به منصوب الفتحة المقدرة على الألف للتعذر .
التقيت بكلا المتفوقين . كلا اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر . أما الاسم الذي يلهما يعرب مضافا إليه .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ ذكرنا أن جميع ألفاظ التوكيد المعنوي يجب أن يتصل بها ضمير يعود على المؤكد ، ما عدا : أجمع ، وأجمعون ، وجمعاء ، وجُمَع .
2 ـ إذا أريد تقوية توكيد قصد الشمول يجوز استخدام لفظة " أجمع " بعد لفظة " كل " مضافة إلى الضمير . نحو : جاء الركب كله أجمع . سافر الحجاج كلهم أجمعون .
وفي هذه الحالة لا تحتاج كلمة أجمع إلى ضمير ، فقد سد الضمير المتصل بكلمة " كل " مسد الضمير الذي يجب أن يتصل بها ليعود على المؤكد .
ومنه قوله تعالى : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون }1 .
3 ـ إن لفظة " أجمع " لا تثنى حيث لا يقال أجمعان ، كما أن جمعاء لا يقال فيها جمعاوان .
4 ـ إذا أضيفت ألفاظ التوكيد المعنوي إلى الاسم الظاهر ، تعرب حسب موقعها من الجملة ، وتظهر عليها علامات الإعراب .
نحو : زارني نفس الصديق . تبوأ المجتهد عين المركز الذي يريده .
ينطبق القرار على جميع العاملين .
توكيد الضمير توكيدا معنويا :
1 ـ إذا أردنا توكيد الضمير المتصل الواقع في محل رفع ، أو الضمير المستتر توكيدا معنويا ، وجب توكيده توكيدا لفظيا قبل توكيده بلفظتي " نفس وعين " .
نحو : تحدثت أنا نفسي . سافروا هم أنفسهم .
حضرت أنا عيني . تأخرتم أنتم أعينكم .
2 ـ وإذا كان الضمير المتصل في محل نصب ، أو جر ، يجوز توكيده بالضمير قبل توكيده بلفظتي " نفس وعين " ، أو عدم توكيده .
نحو : كافأته هو نفسه . أو كافأته نفسه .
نحو : مررت بك أنت عينك . أو مررت بك عينك .
وإذا كان التوكيد ببقية ألفاظ التوكيد الأخرى فلا حاجة للتوكيد بالضمير .
نحو : سافروا جميعهم .
.....................................................................................................................................
ثانيا ـ البدل
تعريفه : تابع يدل على نفس المتبوع ، أو جزء منه قصد لذاته ، وبلا واسطة .
نحو : جاء الشيخ أحمد . وقطعت بالسكين حدها . وأعجبني الطالب خلقه .
من التعريف السابق نخلص إلى أن البدل يختلف عن النعت والتوكيد ، من حيث إنه يقصد لذاته ، فلا يؤثر على بناء الجملة إذا ما حذف ، أو استغني عنه ، كما أنه يختلف عن العطف من حيث أنه لا يحتاج إلى واسطة في إلحاقه بالمبدل منه كحرف العطف مثلا .
أقسام البدل: ينقسم البدل إلى أربعة أنواع :
1 ـ بدل مطابق " بدل كل من كل "
2 ـ بدل غير مطابق " بعض من كل " .
3 ـ بدل اشتمال .
4 ـ بدل مباين .
أولا ـ البدل المطابق " بدل كل من كل " :
هو ما كان البدل فيه عين المبدل منه ، ومساوي له في المعنى .
نحو : جاء المعلمُ محمدٌ .
فمحمد بدل من كلمة المعلم ، وتأخذ حكمها في الإعراب ، فجاء محمد مرفوع لكونه بدل من المعلم المرفوع على الفاعلية .
ومنه قوله تعالى : { مفازا حدائق وأعنابا }1 .
وقوله تعالى : { اهدنا السراط المستقيم سراط الذين أنعمت عليهم } .
ومنه قول الشاعر : وقد لامني في حب ليلى أقاربي أخي وابن عمي وابن خالي وخاليا
الشاهد قوله : أخي وما عطف عليه ، حيث جاء بدلا مطابقا من كلمة " أقاربي " .
ثانيا ـ البدل غير المطابق " بدل بعض من كل " :
وهو أن يكون البدل جزءا من المبدل منه .
نحو : سقط البيت سقفه ، وأكلت التفاحة نصفها .
فكلمة سقف ونصف كل منهما جاءت بدلا غير مطابق ، " بعض من كل " أي : أن البدل جزء من المبدل منه : البيت في المثال الأول ، والتفاحة في المثال الثاني ، ولكنه تابع له في إعرابه ، فجاءت كلمة " سقف " مرفوعة لأن المبدل منه " البيت " جاء فاعلا مرفوعا ، وكلمة " نصف " جاءت منصوبة ، لأن المبدل منه " التفاحة " وقع مفعولا به منصوب ، وكذا الجر .
ومنه قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } .
فـ " من استطاع " بدل من " الناس " . ولكون المبدل منه في الآية مجرور جاء البدل مجرورا .
ومنه قول الشاعر : إذا أبو قاسم جادت يداه لنا لم يحمد الأجودان البحر والمطر
الشاهد قوله : البحر ، حيث وقعت بدلا بعض من كل ، والمبدل منه " الأجودان " .
ثالثا ـ بدل الاشتمال :
هو البدل الدال على معنى من المعاني التي اشتمل عليها المبدل منه دون أن يكون جزءا منه .
نحو : أطربني البلبل تغريده . وأعجبني الطالب خلقه .
ومنه قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } .
وقول الشاعر : بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
فكلمة " تغريده ، وخلقه "كل منهما جاءت بدلا من كلمة البلبل في المثال الأول ، والطالب في المثال الثاني ، ولكنها لا تطابقها في المعنى ، ولا هي جزء منها ، ولكن كلمة " تغريد " من المعاني أو الدلائل التي يشتمل عليها البلبل ، الذي هو المبدل منه ، وكذلك الحال بالنسبة لكلمة " خلقه " التي هي بدل من كلمة الطالب ، ولكنها لا تطابقها في المعنى ، ولا هي جزء منه ، ولكنها من المعاني ، أو الصفات التي يشتمل عليها الطالب ، لذلك سمي البدل في هذه الحالة بدل اشتمال .
وفي الآية جاءت كلمة " قتال " بدل اشتمال من الشهر ، لأن القتال ليس نفس الشهر ، ولا جزء منه ، ولكن القتال قد يكون من الأمور التي تحدث في الشهر الجرام .
والشاهد في البيت قوله : " مجدنا " حيث جاءت بدل اشتمال مرفوع من الضمير " نا " في " بلغنا " ، لأن الضمير في محل رفع فاعل وهو المبدل منه .
فائدة : لا بد للبدل بعض من كل ، وبدل الاشتمال من ضمير يعود على المبدل منه ، كما لاحظنا في الأمثلة السابقة ، ومنه قوله تعالى : { قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود }
والتقدير : النار ذات الوقود فيه . أي : في الأخدود ، فكلمة " النار " بدل اشتمال من الأخدود ، لأن الأخدود يشتمل على النار ، وليست النار هي الأخدود ، ولا جزءا منه .
رابعا ـ البدل المباين :
هذا النوع من أنواع البدل لا يعنينا كثيرا ، ولكن سنذكر عنه القليل ليفيد منه الدارس .
ينقسم هذا النوع من البدل إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ بدل الإضراب : وهو أن تخبر عن المبدل منه بشيء ، ثم يعن لك أن تخبر عنه بشيء آخر . كأن تقول : تصدقت بدرهم بدينار .
فأنت تريد أن تخبرنا ، بأنك قد تصدقت بدرهم ، ثم بدا لك أن تخبرنا ، بأنك قد تصدقت بدينار .
2 ـ بدل الغلط : وهو أنك لا تريد أن تخبرنا بأنك تصدقت بدرهم ، وتريد أن تتصدق بدينار ، ولكن غلَطَ لسانك ، وأخبرت عن تصديقك بدرهم .
3 ـ بدل النسيان : وهو أنك لا تريد الإخبار عن التصديق بالدرهم ، فلما نطقت بذلك تبين لك هذا القصد ، ومن هنا سمي بدل النسيان ، وأمثلته كأمثلة سابقيه .
ومنه : أكلت خبزا لحما ، وزارني محمد أحمد .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ يجوز أن يكون البدل والمبدل منه نكرتين .
نحو قوله تعالى : { إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا }1 .
فالبدل " حدائق " وهي نكرة ، والمبدل منه " مفازا " وهو نكرة أيضا .
2 ـ ويجوز أن يكون معرفتين .
نحو قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }.
فالبدل " من " وهي اسم موصول معرفة ، والمبدل منه " الناس " معرفة أيضا .
3 ـ كما يجوز أن يكونا مختلفين ، كأن يكون المبدل منه معرفة ، والبدل نكرة .
نحو قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } .
فالبدل " قتال " وهي نكرة ، والمبدل منه " الشهر " وقد جاء معرفة ، وهذا جائز .
4 ـ يجوز البدل من الضمير الحاضر ، إذا كان بدلا مطابقا ، يفيد الإحاطة والشمول ، أو بدل بعض من كل ، أو بدل اشتمال .
نحو قوله تعالى : { تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا} .
فـ " أولنا " بدل من الضمير المجرور " نا " في قوله : " لنا " . ومنه المثال السابق
وهو قول الشاعر : بلغنا السماء مجدنا .
ومثال بعض من كل قول الشاعر : أوعدني بالسجن والأداهِمِ رِجْلِي فَرِجلي شَتْنَة المناسم
فكلمة " رجلي " بدل بعض من كل من الضمير " الياء " في " أوعدني " .
كما يجوز إبدال الظاهر من الضمير الغائب .
نحو قوله تعالى : { وأسروا النجوى الذين ظلموا } .
حيث أبدل " الذين " من " الواو " في " أسروا " .
5 ـ إذا أبدل من اسم الاستفهام ، وجب دخول همزة الاستفهام على البدل .
نحو : من ذا ؟ أمحمد أم أحمد ؟ ، ونحو : متى تأتينا ؟ أغدا أم بعد غدٍ ؟
6 ـ يجوز إبدال الجملة من المفرد وبالعكس .
مثال الأول : لا أستطيع أن أحكم على خالد ما منزلته بين الكتاب .
فجملة : ما منزلته بين الكتاب في محل جر بدل من " خالد " .
ومثال الثاني : لا إله إلا الله كلمة الإخلاص ينجو قائلها من الزلل .
وإعراب الجملة السابقة كالتالي : جملة لا إله إلا الله محكية في محل رفع مبتدأ .
وكلمة : بدل مرفوع من الجملة السابقة . الإخلاص : مضاف إليه مجرور .
وجملة : ينجو قائلها في محل رفع خبر .
7 ـ يجوز إبدال الفعل من الفعل . نحو : من يصل إلينا يستعن بنا .
فيستعن بنا بدل من يصل إلينا .
ومنه قوله تعالى : { ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب } .
فالفعل يضاعف بدل من يلق ، وله إعرابه .
ومنه قول الشاعر : إنَّ عَلَيَّ الله أن تُبايعا تؤخذَ كرها أو تجيءّ طائعا
فالفعل تؤخذ بدل من تبايعا ، وله إعرابه لذلك نصب ، لأن تبايعا منصوب بأن المصدرية .
ومنه قول الآخر : متى تأتنا تلمم بنا في دارنا تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
فالجملة الفعلية " تلمم بنا ، بدل من الجملة الفعلية تأتنا .
تابع معي باقي التوابع